الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الخلق و المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم خاتم الأنبياء و المرسلين أرسله الله تعالى رحمة للأمة جمعاء أما بعد:
للأسرة أهمية بالغة باعتبارها اللبنة الأولى للتنشئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والصحية والنفسية للأبناء بحيث تقع على عاتقها الكثير من الأدوار والمسؤوليات، ففي المحضن الأسري يشعر الابن بالدفء والعاطفة، ويتعلم كيف يتعامل مع الآخرين، وكيف يحترم آراء وفكر الآخرين، يتعلم معنى الحب والحنان، والعطف، والعطاء، والإيثار والمبادرة لتقديم الخدمة للآخرين، إنها قيم يكتسبها الأبناء داخل الأسرة حتى إذا ما خرج إلى المجتمع الكبير وهو مدرك الكثير من القيم استطاع أن يتعامل مع الآخرين وينجح في تعامله، فيكسب احترام وتقدير المجتمع له، ولكن هل كل الأسر قادرة على إكساب أبنائها تلك السلوكيات والقيم من خلال التوجيه والقدوة؟ لا شك أننا في حاجة إلى نوع من الأسر السوية التي تعي تماماً مسؤولياتها وأدوارها حتى تحصر على رعاية أبنائها وتوجيهها، وحتى يعرف كل طرف داخل الأسرة ما هي واجباته وحقوقه، يتعاون مع الطرف الآخر في تحقيق الأهداف التربوية، وتتكامل أدوارهما في القيام برسالتهما تجاه تنشئة أبنائهما، بحيث لا يعتمد طرف على الآخر ويهمل أدواره ولا يفقد في القيام بواجباته اعتماداً على الطرف الآخر، فمن يريد تخريج جيل صالح متمسك بقيمه وعاداته محافظاً على تراثه يحرص كل الحرص على القيام بواجباته تجاه أبنائه لا يوفر احتياجات أبنائه المادية فقط، بل والاحتياجات النفسية والاجتماعية وبنفس القدر التي ربما في مرحلة من مراحل حياة الطفل في حاجة ماسة إليها أكثر احتياجه للجوانب المادية، لا نريد أن نسمع عن أب يفاخر بأنه قد وفر كل احتياجات أسرته المادية، دون أن يعرف ما هي احتياجات أبنائه النفسية والصحية والاجتماعية، لا نريد أن يقول أب في يوم ما إن زوجتي أي أم أبنائه قادرة على تعويض أبنائي ما عجزت عن توفيره لهم من نواحٍ نفسية واجتماعية، فمهما قامت الأم بتلك الأدوار التعويضية فإنها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسد الفراغ أو النقص الذي سببه الأب وواقع الحال وفي ظل التغيرات التي تشهدها مجتمعاتنا نلاحظ حدوث كثير من المشكلات الأسرية والخلافات الزوجية، وتفكك الأسر مما ينعكس سلباً على الأبناء فنجد لهم كثير من الممارسات غير السوية والانحرافات ذات التأثير على حياتهم ومسيرتهم وكذلك على المجتمع بأكمله، فهذا الفرد إذا ما أحسن توجيهه وتسويته فإنه لا شك سيخرج إلى المجتمع وهو إنسان قادر على العطاء والمشاركة في عمليات التنمية لذاته ولمجتمعه، والعكس إذا لم يجد البيئة والمناخ السليم لتربيته في بداية حياته فإنه لا شك فإنه سيكون وبالاً على نفسه وعلى مجتمعه. ولذا فالأمر يتطلب وعياً أسرياً ومجتمعياً بأهمية الأسرة وكيانها وأدوارها الحقيقية ورسالتها تجاه أبنائها ومجتمعها. كما أن الأمر يتطلب أيضاً مراجعة واعية لتغير الأدوار داخل الأسرة وعواملها وأسبابها وهل تلك العوامل حقيقية خاصة في ظل المتغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها العالم هذه المتغيرات تحمل ثقافة وفكراً مختلفاً عما هو متعارف عليه في السابق.
سلسلة حلقات الارشاد الاسري ....... الحلقة السادسة
http://www.4shared.com/document/dNnvEwKG/___.html